الأنمي: تاريخ التسونامي الفني الأبرز لليابان
ناويشكا وادي الرياح.. 1984طارق الخواجي
في منتصف عام 2008م، غصّت دور السينما اليابانية بالجماهير التي تدافعت بشغف بالغ لمشاهدة فيلم "بونيو على الحافة بجانب البحر"، آخر أفلام المخرج الأبرز في الوقت الراهن السيد هاياو مايزاكي، الفيلم الذي ترددت بشأنه العديد من الشائعات، كان أبرزها أنه مسك الختام لمسيرة سيد الأنمي المعاصر، والذي انتقل بالأنمي إلى مستوى مختلف، مع فيلمه المرحلي "ناويشكا وادي الريح" في آخر النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي.
في فيلمه "بونيو" لا يكف مايزاكي عن إثارة جمهوره عبر العديد من الرموز والعلامات التي وضعها، والتي تحمل تفسيرات متعددة حول حياته وصناعة الأنمي وهواجسه الدائمة عن البيئة والطبيعة والإنسان وعشقه الأزلي للحروب والدمار، ولعل أبرز هذه العلامات كان الرقم 1907، الذي تحمله الغرفة الخاصة في غواصة فوجيموتو والد بونيو، والتي كان بداخلها بئر كان فوجيموتو يملأه بالعديد من العصارات الفاقعة الألوان، لتكون فيما بعد مركز انفجار تسونامي الذي يغرق المدينة ويهدد بدمارها.
في عام 2005م وفي مدينة كيوتو تحديداً، اتخذ رقم 1907 سمة مميزة داخل صناعة الأنمي، حيث تم الكشف عن فيلم قصير تم تحقيقه في ذلك الوقت المبكر، يعرض طفلاً يرتدي لبس البحارة التقليدي، وفي حركة تحية للمشاهدين، يرفع قبعته ثم يعيدها، مؤذناً بنقطة أولى يتحرك الأنمي من خلالها في بداياته، التي ظلت تتحرك من فيلم أوتن شيموكاوا "البواب موكوزو إيموكاوا" عام 1917م.
في عام 2007م بمدينة أوساكا تم الكشف عن فيلم "ناكامورا كاتانا" لجونيتشي كوتشي والذي تم إنتاجه في وقت متأخر من عام 1918م، مما يجعله الثالث في مسيرة صناعة الأنمي، التي يصعب حصر أعمالها الأولى لأسباب عدة ربما كان زلزال طوكيو الشهير عام 1923م أحد أسباب ضياعها، مضافاً إليها أن دور السينما التي عرضت هذه الأعمال كانت تبيع تلك البكرات إلى دور عرض أصغر والتي كانت بدورها تفكك تلك البكرات وتبيع أشرطتها بشكل مستقل الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تبديد التاريخ بشكل أو بآخر.
ربما يكون أشهر مخرجي تلك الفترة هما سيتارو كيتياما عبر أفلام مثل "موموتارو" و"يوراشيما تارو"، جونيتشي كوتشي بفيلم "سيف الهاناواهيكوناي"، لكن تلكالمبكر للأنمي الأفلام مع أخرى، ضاعت ولم يبق سوى فيلم سانئي ياماموتو، "أوباسوتياما" الذي أنجز عام ١٩٢٣م.
نوبو أوفيوجي اسم آخر يلازم تلك المرحلة التاريخية فبغض النظر عن فيلمه "رحلة إلى الغرب" عام 1926م، كان رائداً في العديد من الإضافات في الصناعة، حيث كان الأول الذي يدخل الصوت إلى أفلامه، حيث حقق ذلك في فيلمه "ألحوت" عام 1927م، وهو الأول أيضاً في التلوين في فيلمه "الزهرة الذهبية" عام 1929م، الذي عرض للجمهور في نسخة من الأبيض والأسود.
كانت تلك الفترة فترة نبوغ فردي، ولم تكن هناك تلك المؤسسات التي تحتوي هذه الطاقات المتفجرة، ولم يظهر اهتمام جدي بالرسوم إلا مع افتتاح ما يسمى بحقبة أنمي الحرب والتي قادها ياسوشي موراتا بفيلمه "موموتارو الجو" عام 1931م، وعليه بقيت تلك المرحلة مثقلة بالرقابة الحكومية والمؤسسة العسكرية التي رأت فيه دعاية مناسبة جداً، على الرغم من أن قصص تلك الأعمال كانت تدور في فلك فلكلور شعبي شخصياته منتخبة من عالم الحيوان، ولم تنتهي هذه المرحلة بشكل تام إلا مع دخول الحلفاء اليابان عام 1945م، العام الذي ظهر فيه أحد أعمال الأنمي الشهيرة "موموتارو: مقاتلي البحر العظماء" لمتسويو سيو.
استمر توقف النشاط الرسومي في اليابان مع الرقابة المكثقة من قبل قوات الاحتلال لوسائل الإعلام اليابانية إلى عام 1952م. بعد هذا التاريخ بأربع سنوات أسس ياسوجي موري وترأس استديو توي الذي سيصبح لاحقاً أحد أقطاب صناعة الأنمي ولفترة طويلة تمتد إلى وقتنا الراهن، ولعل أول أعمال الاستديو المثيرة للانتباه فيلم "أسطورة الحية السحرية" عام 1958م، الذي تبعته أفلام عدة حققها الاستديو في تعاقب سنوي دون نجاح بارز، سوى في فيلم "الكازام العظيم" عام 1960م، والذي سيحلق بالأنمي إلى فضاءات جديدة ومختلفة.
فيلم الكازام العظيم لتايجي يابوتشيا، كان مقتبساً عن مانجا لشاب اسمه "أوسامو تيزوكا"، الذي استفاد من الأسطورة الصينية عن "الملك القرد"، وبما أن الفيلم كان مخلصاً لتأثيرات تيزوكا المدهشة آنذاك، أسلوبه البصري والنشاط الهائل في الصورة الثابتة، فقد كان من الضروري أن يكون قريباً من بعث الحياة في المانجا التي رسمها، لقد كان ذلك المحفز الأكبر لتيزوكا لكي ينتقل إلى عالم الأنمي.
تيزوكا كان عاشقاً للرسوم المتحركة بكل ما تعنيه الكلمة، لذلك فإن كل الطاقة التي كانت تختزنها المانجا التي يرسمها، كانت مناسبة للانتقال إلى العالم المتحرك للأنمي، والتي أثبتت مع الوقت استحقاقها للاحترام الذي ما زالت تحظى به على الرغم من كل السنين التي مرت على صناعة هائلة الزخم سريعة التجدد بشكل غير اعتيادي. بعد تأسيسه لاستديو خاص به، أبهر تيزوكا العالم وفي فترة حسنة التقدير بأول مسلسل أنمي على الإطلاق "تيتسوان أتوم – ولد الذرة" أو أسترو بوي والفتى كوكي في نسخته المدبلجة للعربية، حدث ذلك في عام 1963م، الذي انتهى في تتابع طبيعي للأحداث المبهجة بوجود ثلاثة استديوهات للأنمي، وقيام شركة توي بافتتاح قسم خاص في استديوهاتها مختصاً بالأنمي فقط.
ظهر بعد "ابن الذرة" العديد من الأعمال الشهيرة لعل أبرزها كان رفيقه في سنة الإنتاج "تيتسوجين 28 قو – رعد العملاق" ليونيهيكو واتانابي، و"ماهو قو قو قو" لهيروشي ساساقاوا عام 1967م، لكن المنافسة الشديدة للتلفزيون مقابل السينما اليابانية قادت الاستديوهات للتخفيف من طواقمها التي لا تعمل في مجال التلفزيون، تبعاً لذلك وجد كثير من فناني الأنمي أنفسهم مضطرين للمغادرة، حيث قاموا بتأسيس استدويوهات مخصصة للأنمي، الأمر الذي قاد الحركة في المسار الصحيح مرة أخرى، وأصبح هناك إمكانية للتجريب والمجازفة في طرح قصص مختلفة، حيث ظهر في عام 1970م المسلسل الذي صار حديث اليابان الأبرز، "غد جو – البطل في النسخة العربية المدبلجة" والذي أخرجه للتلفزيون أوسامو ديزاكي، المخرج الذي أصبح ظاهرة ملفتة للنظر بعد سيطرته على حقبة السبعينيات بأعمال مثل "مغامرات جزيرة الكنز" 1978م، لايدي أوسكار عام 1979م، وغيرها مما يعرفه الجمهور العربي جيداً، إيساو تاكاهاتا حقق شهرة لا بأس فيها من خلال مسلسل "هايدي فتاة الألب" عام 1974م، ومايزاكي لفت الانتباه إليه من خلال "كونان فتى المستقبل – عدنان ولينا في النسخة المدبلجة". لقد كانت تلك الأعمال التي يغلب عليها الطابع الإنساني تقف بصمود أمام مد مسلسلات الميكا وأوبرا الفضاء التي حققت جماهيرية منقطعة النظير، "مازنجر زي" عام 1972م، "غراندايزر" عام 1974م، "مدرعة الفضاء ياماموتو" عام 1974م، "أجنحة الكاندام" 1979م.
الثمانينات كانت حقبة الأفلام دون منازع، "ناويشكا وادي الريح" لمايزاكي 1984م، "خنجر كاموي" لرينتارو، "بيضة الملاك" لمامورو أوشي عام 1985م، "أجنحة الهويمنايز" لهيرويوكي ياماقا، و"المدينة الماكرة" ليوشياكي كواجيري عام 1987م، "جاري توتورو" لمايزاكي، و"قبر اليراعات المضيئة" لتاكاهاتا، و"أكيرا" لكاتسوهيرو أوتومو عام 1988م. لكن سيل الأفلام المنهمر لم يستطع أن يخفي الأثر الذي خلقته الأو في أي أو أفلام الفيديو المنزلية التي ابتدأت مع عمل أوشي "دالوس" عام 1983م، لكن نجاح أعمال الفيديو المنزلية لم يتحقق إلا مع "ميجازون 23" لنوبورو إيشيقورو عام 1985م، بيد أن هذا النجاح والانتقال المرحلي الذي خلقته أفلام الفيديو المنزلية، لا يمنع من القول بأنها كانت الأكثر مسئولية عن السمعة السيئة التي تحيط بالأنمي في كثير من وسائل الإعلام.
ربما يكون مسلسل "يورسي ياتسورا" الذي أخرجه أوشي عام 1981م، والمقتبس عن مانجا بنفس الاسم لروميكو تاكاهاشي، الأول في تكوين مفهوم الأوتاكو الياباني عن الجمهور المهووس بشخصية متخيلة من الأنمي وحلقات النقاش والتجمعات وعروض الأزياء المرتجلة المرتبطة بالمسلسل وشخصياته.
مع كل ذلك الزخم في الثمانينيات إلا أننا لا نستطيع أن نغفل الذكر عن مسلسل "دراجون بول" عام 1984م عن مانجا لأكيرا تورياما، والذي كان صاحب الأثر البارز والغائر في بنية الشونن، الأنمي الموجه للشباب، والذي يقوم على القتال الجسدي المرتبط بفنون القتال، ولكن من منظور واسع الخيال بخلفية قصصية مدهشة، العديد من مسلسلات التسعينات تنحني أمام ريادته باحترام، "يو يو هاكوشو" عام 1990م، "ون بيس" عام 1997م، "ناروتو" عام 1999م.
مع التسعينات سينطلق الأنمي نحو جمهور عالمي واسع النطاق، ولن يتوقف عند إدهاش الجمهور بحكايا فانتازية ذات توجه نفسي أخروي حاد مثل "نيون جينسيس إيفانجليون" لهايديكي أنو عام 1995م، أو فيلم عن البيئة والإنسان في المقام الأول مثل "الأميرة مونونوكي" لمايزاكي عام1997م، بل سيستمر تسونامي الأنمي منطلقاً بصخب يميزه كصناعة وفن، حتى يختطف "الاختطاف بعيداً" لمايزاكي جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم رسومي لعام 2001م، لينتقل الأنمي لمرحلة أخرى يكون لمايزاكي فيها اليد العليا مرة أخرى، إنها البوابة رقم 1907.
هاياو مايزاكي
مامورو أوشي
«فتاة الألب هايدي» 1974
عدنان ولينا - كونان فتى المستقبل 1978
من فيلم «بونيو على الحافة بجانب البحر» 2008
إيساو تاكاهاتا
الأميرة مونونوكي.. 1997
naruto
One Piece
ناويشكا وادي الرياح.. 1984
في منتصف عام 2008م، غصّت دور السينما اليابانية بالجماهير التي تدافعت بشغف بالغ لمشاهدة فيلم "بونيو على الحافة بجانب البحر"، آخر أفلام المخرج الأبرز في الوقت الراهن السيد هاياو مايزاكي، الفيلم الذي ترددت بشأنه العديد من الشائعات، كان أبرزها أنه مسك الختام لمسيرة سيد الأنمي المعاصر، والذي انتقل بالأنمي إلى مستوى مختلف، مع فيلمه المرحلي "ناويشكا وادي الريح" في آخر النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي.
في فيلمه "بونيو" لا يكف مايزاكي عن إثارة جمهوره عبر العديد من الرموز والعلامات التي وضعها، والتي تحمل تفسيرات متعددة حول حياته وصناعة الأنمي وهواجسه الدائمة عن البيئة والطبيعة والإنسان وعشقه الأزلي للحروب والدمار، ولعل أبرز هذه العلامات كان الرقم 1907، الذي تحمله الغرفة الخاصة في غواصة فوجيموتو والد بونيو، والتي كان بداخلها بئر كان فوجيموتو يملأه بالعديد من العصارات الفاقعة الألوان، لتكون فيما بعد مركز انفجار تسونامي الذي يغرق المدينة ويهدد بدمارها.
في عام 2005م وفي مدينة كيوتو تحديداً، اتخذ رقم 1907 سمة مميزة داخل صناعة الأنمي، حيث تم الكشف عن فيلم قصير تم تحقيقه في ذلك الوقت المبكر، يعرض طفلاً يرتدي لبس البحارة التقليدي، وفي حركة تحية للمشاهدين، يرفع قبعته ثم يعيدها، مؤذناً بنقطة أولى يتحرك الأنمي من خلالها في بداياته، التي ظلت تتحرك من فيلم أوتن شيموكاوا "البواب موكوزو إيموكاوا" عام 1917م.
في عام 2007م بمدينة أوساكا تم الكشف عن فيلم "ناكامورا كاتانا" لجونيتشي كوتشي والذي تم إنتاجه في وقت متأخر من عام 1918م، مما يجعله الثالث في مسيرة صناعة الأنمي، التي يصعب حصر أعمالها الأولى لأسباب عدة ربما كان زلزال طوكيو الشهير عام 1923م أحد أسباب ضياعها، مضافاً إليها أن دور السينما التي عرضت هذه الأعمال كانت تبيع تلك البكرات إلى دور عرض أصغر والتي كانت بدورها تفكك تلك البكرات وتبيع أشرطتها بشكل مستقل الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تبديد التاريخ بشكل أو بآخر.
ربما يكون أشهر مخرجي تلك الفترة هما سيتارو كيتياما عبر أفلام مثل "موموتارو" و"يوراشيما تارو"، جونيتشي كوتشي بفيلم "سيف الهاناواهيكوناي"، لكن تلكالمبكر للأنمي الأفلام مع أخرى، ضاعت ولم يبق سوى فيلم سانئي ياماموتو، "أوباسوتياما" الذي أنجز عام ١٩٢٣م.
نوبو أوفيوجي اسم آخر يلازم تلك المرحلة التاريخية فبغض النظر عن فيلمه "رحلة إلى الغرب" عام 1926م، كان رائداً في العديد من الإضافات في الصناعة، حيث كان الأول الذي يدخل الصوت إلى أفلامه، حيث حقق ذلك في فيلمه "ألحوت" عام 1927م، وهو الأول أيضاً في التلوين في فيلمه "الزهرة الذهبية" عام 1929م، الذي عرض للجمهور في نسخة من الأبيض والأسود.
كانت تلك الفترة فترة نبوغ فردي، ولم تكن هناك تلك المؤسسات التي تحتوي هذه الطاقات المتفجرة، ولم يظهر اهتمام جدي بالرسوم إلا مع افتتاح ما يسمى بحقبة أنمي الحرب والتي قادها ياسوشي موراتا بفيلمه "موموتارو الجو" عام 1931م، وعليه بقيت تلك المرحلة مثقلة بالرقابة الحكومية والمؤسسة العسكرية التي رأت فيه دعاية مناسبة جداً، على الرغم من أن قصص تلك الأعمال كانت تدور في فلك فلكلور شعبي شخصياته منتخبة من عالم الحيوان، ولم تنتهي هذه المرحلة بشكل تام إلا مع دخول الحلفاء اليابان عام 1945م، العام الذي ظهر فيه أحد أعمال الأنمي الشهيرة "موموتارو: مقاتلي البحر العظماء" لمتسويو سيو.
استمر توقف النشاط الرسومي في اليابان مع الرقابة المكثقة من قبل قوات الاحتلال لوسائل الإعلام اليابانية إلى عام 1952م. بعد هذا التاريخ بأربع سنوات أسس ياسوجي موري وترأس استديو توي الذي سيصبح لاحقاً أحد أقطاب صناعة الأنمي ولفترة طويلة تمتد إلى وقتنا الراهن، ولعل أول أعمال الاستديو المثيرة للانتباه فيلم "أسطورة الحية السحرية" عام 1958م، الذي تبعته أفلام عدة حققها الاستديو في تعاقب سنوي دون نجاح بارز، سوى في فيلم "الكازام العظيم" عام 1960م، والذي سيحلق بالأنمي إلى فضاءات جديدة ومختلفة.
فيلم الكازام العظيم لتايجي يابوتشيا، كان مقتبساً عن مانجا لشاب اسمه "أوسامو تيزوكا"، الذي استفاد من الأسطورة الصينية عن "الملك القرد"، وبما أن الفيلم كان مخلصاً لتأثيرات تيزوكا المدهشة آنذاك، أسلوبه البصري والنشاط الهائل في الصورة الثابتة، فقد كان من الضروري أن يكون قريباً من بعث الحياة في المانجا التي رسمها، لقد كان ذلك المحفز الأكبر لتيزوكا لكي ينتقل إلى عالم الأنمي.
تيزوكا كان عاشقاً للرسوم المتحركة بكل ما تعنيه الكلمة، لذلك فإن كل الطاقة التي كانت تختزنها المانجا التي يرسمها، كانت مناسبة للانتقال إلى العالم المتحرك للأنمي، والتي أثبتت مع الوقت استحقاقها للاحترام الذي ما زالت تحظى به على الرغم من كل السنين التي مرت على صناعة هائلة الزخم سريعة التجدد بشكل غير اعتيادي. بعد تأسيسه لاستديو خاص به، أبهر تيزوكا العالم وفي فترة حسنة التقدير بأول مسلسل أنمي على الإطلاق "تيتسوان أتوم – ولد الذرة" أو أسترو بوي والفتى كوكي في نسخته المدبلجة للعربية، حدث ذلك في عام 1963م، الذي انتهى في تتابع طبيعي للأحداث المبهجة بوجود ثلاثة استديوهات للأنمي، وقيام شركة توي بافتتاح قسم خاص في استديوهاتها مختصاً بالأنمي فقط.
ظهر بعد "ابن الذرة" العديد من الأعمال الشهيرة لعل أبرزها كان رفيقه في سنة الإنتاج "تيتسوجين 28 قو – رعد العملاق" ليونيهيكو واتانابي، و"ماهو قو قو قو" لهيروشي ساساقاوا عام 1967م، لكن المنافسة الشديدة للتلفزيون مقابل السينما اليابانية قادت الاستديوهات للتخفيف من طواقمها التي لا تعمل في مجال التلفزيون، تبعاً لذلك وجد كثير من فناني الأنمي أنفسهم مضطرين للمغادرة، حيث قاموا بتأسيس استدويوهات مخصصة للأنمي، الأمر الذي قاد الحركة في المسار الصحيح مرة أخرى، وأصبح هناك إمكانية للتجريب والمجازفة في طرح قصص مختلفة، حيث ظهر في عام 1970م المسلسل الذي صار حديث اليابان الأبرز، "غد جو – البطل في النسخة العربية المدبلجة" والذي أخرجه للتلفزيون أوسامو ديزاكي، المخرج الذي أصبح ظاهرة ملفتة للنظر بعد سيطرته على حقبة السبعينيات بأعمال مثل "مغامرات جزيرة الكنز" 1978م، لايدي أوسكار عام 1979م، وغيرها مما يعرفه الجمهور العربي جيداً، إيساو تاكاهاتا حقق شهرة لا بأس فيها من خلال مسلسل "هايدي فتاة الألب" عام 1974م، ومايزاكي لفت الانتباه إليه من خلال "كونان فتى المستقبل – عدنان ولينا في النسخة المدبلجة". لقد كانت تلك الأعمال التي يغلب عليها الطابع الإنساني تقف بصمود أمام مد مسلسلات الميكا وأوبرا الفضاء التي حققت جماهيرية منقطعة النظير، "مازنجر زي" عام 1972م، "غراندايزر" عام 1974م، "مدرعة الفضاء ياماموتو" عام 1974م، "أجنحة الكاندام" 1979م.
الثمانينات كانت حقبة الأفلام دون منازع، "ناويشكا وادي الريح" لمايزاكي 1984م، "خنجر كاموي" لرينتارو، "بيضة الملاك" لمامورو أوشي عام 1985م، "أجنحة الهويمنايز" لهيرويوكي ياماقا، و"المدينة الماكرة" ليوشياكي كواجيري عام 1987م، "جاري توتورو" لمايزاكي، و"قبر اليراعات المضيئة" لتاكاهاتا، و"أكيرا" لكاتسوهيرو أوتومو عام 1988م. لكن سيل الأفلام المنهمر لم يستطع أن يخفي الأثر الذي خلقته الأو في أي أو أفلام الفيديو المنزلية التي ابتدأت مع عمل أوشي "دالوس" عام 1983م، لكن نجاح أعمال الفيديو المنزلية لم يتحقق إلا مع "ميجازون 23" لنوبورو إيشيقورو عام 1985م، بيد أن هذا النجاح والانتقال المرحلي الذي خلقته أفلام الفيديو المنزلية، لا يمنع من القول بأنها كانت الأكثر مسئولية عن السمعة السيئة التي تحيط بالأنمي في كثير من وسائل الإعلام.
ربما يكون مسلسل "يورسي ياتسورا" الذي أخرجه أوشي عام 1981م، والمقتبس عن مانجا بنفس الاسم لروميكو تاكاهاشي، الأول في تكوين مفهوم الأوتاكو الياباني عن الجمهور المهووس بشخصية متخيلة من الأنمي وحلقات النقاش والتجمعات وعروض الأزياء المرتجلة المرتبطة بالمسلسل وشخصياته.
مع كل ذلك الزخم في الثمانينيات إلا أننا لا نستطيع أن نغفل الذكر عن مسلسل "دراجون بول" عام 1984م عن مانجا لأكيرا تورياما، والذي كان صاحب الأثر البارز والغائر في بنية الشونن، الأنمي الموجه للشباب، والذي يقوم على القتال الجسدي المرتبط بفنون القتال، ولكن من منظور واسع الخيال بخلفية قصصية مدهشة، العديد من مسلسلات التسعينات تنحني أمام ريادته باحترام، "يو يو هاكوشو" عام 1990م، "ون بيس" عام 1997م، "ناروتو" عام 1999م.
مع التسعينات سينطلق الأنمي نحو جمهور عالمي واسع النطاق، ولن يتوقف عند إدهاش الجمهور بحكايا فانتازية ذات توجه نفسي أخروي حاد مثل "نيون جينسيس إيفانجليون" لهايديكي أنو عام 1995م، أو فيلم عن البيئة والإنسان في المقام الأول مثل "الأميرة مونونوكي" لمايزاكي عام1997م، بل سيستمر تسونامي الأنمي منطلقاً بصخب يميزه كصناعة وفن، حتى يختطف "الاختطاف بعيداً" لمايزاكي جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم رسومي لعام 2001م، لينتقل الأنمي لمرحلة أخرى يكون لمايزاكي فيها اليد العليا مرة أخرى، إنها البوابة رقم 1907.
هاياو مايزاكي
مامورو أوشي
«فتاة الألب هايدي» 1974
عدنان ولينا - كونان فتى المستقبل 1978
من فيلم «بونيو على الحافة بجانب البحر» 2008
إيساو تاكاهاتا
الأميرة مونونوكي.. 1997
naruto
One Piece
الأنمي: تاريخ التسونامي الفني الأبرز لليابان لطارق الخواجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق